تواجه الأراضي الزراعية في قطاع غزة تدمير غير مسبوق نتيجة استمرار حرب الإبادة الجماعية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي تميز باتساع نطاق التدمير الممنهج للبنية التحتية الزراعية، واستهداف مباشر للحيز الإنتاجي الزراعي والحيواني في مختلف مناطق القطاع، لا سيما في شمال غزة ووسطها وجنوبها. لقد أدت العمليات العسكرية، إلى جانب سياسات التجويع والعزل والحصار، إلى القضاء شبه الكامل على القطاع الزراعي، بما يشمل الحقول، والبساتين، والدفيئات، ومصادر المياه، وشبكات الري، خاصة وأنه قبل حرب الإبادة، كانت حوالي 42% من أراضي غزة تُستخدم لزراعة المحاصيل والبساتين ورعي الماشية.

في ظل هذا الواقع، أصبحت الزراعة – التي كانت تشكّل شريانًا حيويًا للأمن الغذائي وركيزة من ركائز الاقتصاد المحلي – عاجزة عن تأدية وظائفها الأساسية. ومع استمرار الإبادة، وتوسيع الاحتلال الإسرائيلي نطاق "المناطق العازلة"، وتزايد التدمير الهيكلي للأراضي، ارتفعت نسبة الأراضي المتضررة على نحو كارثي، ما أسفر عن انهيار شامل في سلاسل الإنتاج والتوزيع الغذائي، وفاقم حدة المجاعة التي يعاني منها السكان.

تهدف هذه الورقة إلى تقديم رصد محدّث لتدمير الأراضي الزراعية في قطاع غزة حتى النصف الأول من عام 2025، استنادًا إلى بيانات صادرة عن منظمات دولية ومحلية، وتقارير وشهادات ميدانية.

• بحسب تقييم جغرافي مكاني أجرته منظمة الأغذية والزراعة"الفاو" وبرنامج الأمم المتحدة للتطبيقات الفضائية (يونوسات) بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2024، أن نسبة تدمير الأراضي والحقول الزراعية بلغت 75% بأضرار جزئية أو بالغة[1].
• أكثر من ثلثي آبار غزة الزراعية (1,531 بئرًا إجمالًا)، والتي تعتمد على المياه الجوفية للري والزراعة، لم تعد صالحة للاستخدام بحلول أوائل عام 2025، مما عطلّ إمكانية ري المحاصيل بشكل كبير.
• حتى كانون الثاني/يناير، سجل إجمالي مساحة الأراضي الزراعية المتضررة حوالي  156,970 دونماً[2].
•  كما تتأثر الأراضي الزراعية القريبة من السياج الفاصل في غزة بشكل مباشر وكبير، وهي تشكل %35 من إجمالي الأراضي الزراعية، ضمن نطاق يتراوح بين 100 و1500 متر.
• في شباط/فبراير، أوضح المكتب الإعلامي الحكومي أن مجموع الأراضي الزراعية المجرفة والمتضررة حوالي 185 ألف متر مربع[3].
• في 18آذار/مارس، استنأفت سلطات الاحتلال حرب الإبادة على غزة بعد وقف لإطلاق النار جرى في 19 كانون الأول/يناير، وبالتالي أصبح وصول المزارعين إلى أراضيهم محدود جداً مع عودة العمليات العسكرية بالقرب من الأراضي الزراعية.
• في نيسان/إبريل، أعلنت سلطات الاحتلال أنها قد احتلت مدينة رفح بشكل كامل، وهي تشكل 12% من إجمالي الأراضي الزراعية في قطاع غزة، حيث أن المساحة الزراعية في رفح بلغت قبيل حرب الإبادة حوالي 12,761 دونم، كان منها 10,702 دونم مخصص لزراعة الخضراوات، مثل البندورة، والبطاطس، وكانت مدينة رفح تضم حوالي 3,563 مزارعًا، إضافة إلى حوالي 329 مزراعة زراعية، حيث كانت مدينة رفح تساهم بما نسبته 20-25% من إجمالي الإنتاج الزراعي المحلي لقطاع غزة[4].
• في آيار/مايو، أظهر تقييم جغرافي مكاني أجرته منظمة الأغذية والزراعة"الفاو" وبرنامج الأمم المتحدة للتطبيقات الفضائية (يونوسات) زيادة في نسبة تدمير الأراضي الزراعية مقارنة مع آخر مسح جرى في كانون الأول/ديسمبر 2024 بنسبة 8%، حيث سجلت محافظة خانيونس ارتفاع ملحوظ  في تدمير البساتين والأشجار الأخرى والمحاصيل الحقلية والخضراوات، إضافة إلى إرتفاع نسبة تدمير الأراضي الزراعية داخل محافظة رفح بشكل ملحوظ من 67% في ديسمبر/كانون الأول 2024 إلى 74% في مارس/آذار 2025[5].

                    جدول يوضح الأراضي المتضررة وغير المتضررة في قطاع غزة (حتى أيار/ مايو 2025)

يرصد الجدول السابق الضرر الذي لحق بالأراضي الزراعية في قطاع غزة، وأكبر الأضرار تتركز في محافظة خانيونس وشمال قطاع غزة، وهذه هي المحافظات تعتبر واحدة من أهم السلّال الغذائية لقطاع غزة.

" خارطة التقييم الجغرافي المكاني، يوناسات والفاو"